نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هوية الفعاليات الثقافية والزراعية في السعودية: من نحن؟, اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025 10:16 مساءً
في ظل الحراك الثقافي والترفيهي الذي تشهده المملكة، تتفتح أمامنا مساحات جديدة للتعبير والاحتفال، وتتنوع الفعاليات بين موسمية وثقافية وتراثية. ومع هذا التنوع، تبرز تساؤلات محبة وهادئة: إلى أي مدى تعكس هذه الفعاليات هويتنا المتجذرة؟ وهل يمكن أن نجمع بين الحداثة والخصوصية المحلية؟
لا شك أن رؤية 2030 منحت الفعاليات زخما جديدا، وجعلت الثقافة والترفيه محورين رئيسين في التنمية. ومع ذلك، يشعر البعض وأنا منهم بحاجة إلى تأمل ملامح الهوية في هذه الفعاليات: هل يجد الزائر صورة المجتمع الحقيقي؟ هل تُمنح الحكايات القديمة والرموز المحلية مساحة تستحقها؟
من الإنصاف الإشادة بفعاليات رائعة مثل مهرجان التمور في القصيم، والمانجو في جازان، والعسل والزيتون في الجوف. هذه الفعاليات تضيء جمال الأرض والمنتج والموروث، لكنها تحتاج إلى دعم أكبر وترويج يعكس قيمتها الحقيقية على المستويين المحلي والدولي.
أما الفعاليات الكبرى مثل موسم الرياض، فهي إنجاز تنظيمي لا يُنكر. لكن قد يكون من المفيد التفكير في موازنة المحتوى؛ بحيث تتجاور عروض الترفيه العالمية مع مشاهد من التراث الشعبي، والحرف التقليدية، والموسيقى المحلية ليرى العالم من نحن، لا فقط ما نستطيع استيراده.
في تجارب عالمية مثل كوريا واليابان، استطاعت الفعاليات أن تعكس روح المجتمع عبر تفاصيل دقيقة: من الطعام والموسيقى إلى طريقة التقديم. وهنا، لا نقارن للتقليد، بل للإلهام. فلكل ثقافة حقها في الظهور بأسلوبها الخاص.
الهوية ليست عائقا أمام التقدم، بل رافد له. ومتى ما أصبحت فعالياتنا تعبيرا صادقا عن أنفسنا، فإنها ستُقرأ وتُشاهد ويُحتفى بها في كل مكان. فقط نحتاج إلى ثقة أكبر فيما نملك، وإيمان بأن المحلي لا يقل بريقا عن العالمي.
كم سيكون جميلا لو رأينا فعالية من تصميم أبناء القرى، أو عرضا يحكي قصص الجدات، أو طبقا يقدم للزوار برائحة الحطب وحكاية الأرض. هذه لمحات بسيطة لكنها تصنع فرقا كبيرا في ذاكرة الزائر وفي وجدان المجتمع.
لست ضد الترفيه الحديث، بل أؤمن بأهميته في الترويح والانفتاح، لكنني مع توازن يجعل للهوية مكانا دائما في المشهد. ذلك التوازن الذي يجعل الفعالية ليست فقط مثيرة، بل أيضا مألوفة ومحببة.
بوصفنا مهتمين في مجال إدارة السياحة والفعاليات، علينا أن نفتح الحوار ونقترح، لا أن نحكم أو نعاتب. وأن نضع تجربتنا في إطار نقد محب، هدفه التطوير لا التثبيط.
السؤال الذي يجب أن يظل حاضرا في كل لجنة تنظيم وكل جلسة تخطيط هو: كيف تعكس هذه الفعالية وجدان المجتمع؟
إن أجبنا عن هذا السؤال بصدق، فستكون كل فعالية قصة سعودية تستحق أن تُروى.
0 تعليق