«السكري 1 » والأمل الجديد

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
«السكري 1 » والأمل الجديد, اليوم الأربعاء 6 أغسطس 2025 12:52 صباحاً


ما زال الملايين من مرضى السكري وتحديدا النوع الأول المعتمدين على الإنسولين حول العالم ينتظرون تلك «البارقة» التي تحمل أمل الشفاء أو العلاج الأكثر فعالية، فقد شهدنا خلال السنوات الأخيرة تقدما كبيرا في مجال الأدوية والتكنولوجيا الصحية ومن ذلك مضخات الإنسولين الذكية، أجهزة مراقبة الجلوكوز المستمرة، بالإضافة إلى الأبحاث الواعدة في علاج السكري بالخلايا الجذعية.

وقبل الخوض في الحديث عن الأمل الجديد لمرضى السكري النمط الأول، أود أن أوضح أن سكري النوع الأول هي حالة طبية مزمنة تحدث عندما ينتج البنكرياس القليل جدا من الإنسولين أو لا ينتج الإنسولين نهائيا، ويبدأ عادة في مرحلة الطفولة أو الشباب، ولكن يمكن أن يتطور في أي عمر، ويتطلب داء السكري من النوع الأول مراقبة منتظمة لسكر الدم وعلاجه بالإنسولين، كما يمكن أن يتحكم تعديل نمط الحياة إلى جانب تناول الأدوية في مستويات السكر في الدم، وتقليل مخاطر المضاعفات المرتبطة بالأمراض.

والجديد الذي يحمل البشرى لمرضى السكري النمط الأول هو ما تم الكشف عنه في دراسة حديثة أجريت في جامعة بنسلفانيا، وقد يكون له أثر كبير في المستقبل، إذ أظهرت الدراسة أن علاجا تجريبيا جديدا يعتمد على الخلايا الجذعية - يعرف باسم زيميسليسيل - ساعد بعض المرضى على استعادة قدرتهم الطبيعية على إنتاج الإنسولين، مما يعني أنهم استطاعوا تنظيم سكر الدم دون الحاجة إلى الحقن اليومي للإنسولين من بين 12 مريضا شاركوا في الدراسة، 10 منهم لم يعودوا بحاجة لاستخدام الإنسولين بعد عام من العلاج، ولم تسجل أي حالات خطيرة لانخفاض السكر لديهم.

وقد وردتني تساؤلات عديدة من بعض مرضاي وأسرهم حول كل ما يتعلق عن العلاج الجديد، وتحدياته التي قد تواجه المصابين، ولهؤلاء أقول إن العلاج الذي تم الكشف عنه يعتمد على خلايا جذعية تمت برمجتها لتتحول إلى خلايا بنكرياسية تنتج الإنسولين، ويتم حقنها في الجسم لتبدأ بالعمل، وهذه الخلايا تساعد الجسم على تنظيم السكر بشكل طبيعي، والعلاج لا يزال في المراحل التجريبية، ولم يحصل بعد على الموافقات النهائية، ومن المتوقع أن تستكمل شركة الدواء المطورة له الدراسات خلال العامين القادمين، وإذا ثبتت فعاليته وأمانه، فقد يصبح متاحا في الأسواق بحلول عام 2026.

أما ما يتعلق عن تحدياته فأبرز التحديات أن المرضى يحتاجون لتناول أدوية مثبطة للمناعة مدى الحياة، حتى لا يرفض الجسم الخلايا الجديدة، وهذا قد يسبب ضعفا في المناعة وزيادة خطر العدوى، وهذا الخبر لا يعني التوقف عن العلاج الحالي، ولكنه يعكس تقدما علميا مهما قد يفتح أبوابا جديدة في المستقبل، وهنا أؤكد على أهمية الاستمرار في المتابعة الطبية والالتزام بالعلاج الحالي، إلى حين التأكد من أمان وفعالية هذا النوع من العلاج واعتماده رسميا.

ومع الأخبار المبشرة لمرضى السكري عبر الدراسات والأبحاث الجديدة التي تتم في الجامعات العالمية، ما أرجوه هنا من مرضى السكري وتحديدا المعتمدين على الإنسولين بعدم الانسياق وراء أي أخبار أخرى مضللة غير رسمية قد تروجها بعض الجهات والمراكز الوهمية الخارجية التي تدّعي نجاح عمليات زراعة الخلايا الجذعية لمرضى السكري، وتدعو المرضى إلى زيارتهم والسفر إلى مواقعهم في الخارج لإنهاء معاناة مرضى السكري، وخصوصا في ظل وجود دراسات حديثة عن الخلايا الجذعية، ويتم تداولها في وسائل الإعلام المختلفة ومنصات التواصل الاجتماعي، فقد يعتقد المرضى أنه بالفعل تم بدء العلاج بالخلايا الجذعية، إذ تتفنن هذه الجهات الوهمية في إعداد الإعلانات الترويجية ومن خلال سرد بعض القصص لحالات وهمية، والهدف من ذلك استنزاف جيوب المرضى، وهنا أشدد على أهمية تواصل المرضى مع أطبائهم والجهات الصحية الرسمية في حال وجود أي استفسارات عن مقاطع أو معلومات يتم تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي بخصوص علاجات السكري.

والواقع أنه رغم الوعي الصحي الكبير الذي حدث في السنوات الأخيرة بشأن مرض السكري بنوعيه الأول والثاني ومدى تكيف المرضى مع العلاجات وأجهزة التحكم بالمرض إلا أن مرض السكري يعتبر من الأمراض المزمنة الأكثر انتشارا حول العالم، وبذلك ما زال يفرض تحديات كبيرة على المريض والنظام الصحي والمجتمع، فهناك أولا تحديات طبية وصحية وتتمثل أولا في المضاعفات المزمنة التي قد تترتب - لا قدر الله - على المرض، ومن ذلك اعتلال الشبكية، اعتلال الكلى، أمراض القلب والشرايين، تلف الأعصاب، القدم السكري، ثانيا السيطرة على مستوى السكر أي صعوبة الحفاظ على توازن السكر في الدم، خاصة مع التغيرات في النظام الغذائي، النشاط البدني أو الضغوط النفسية، ثالثا الاعتماد على الأدوية، فالمرضى يحتاجون للإنسولين أو أدوية خافضة للسكر مدى الحياة، رابعا تحديات نفسية واجتماعية ومنها القلق والتوتر الدائم والضغوط النفسية، بجانب التأثير على الحياة اليومية عبر المراقبة المستمرة لمستوى السكر، قيود في الطعام والشراب، وضرورة ممارسة الرياضة بانتظام، خامسا التحديات الاقتصادية كتكاليف العلاج والفحوصات الدورية، والأدوية، وأجهزة قياس السكر، وعناية خاصة بالمضاعفات، بالإضافة إلى الغياب عن العمل أو الدراسة نتيجة المضاعفات أو الأزمات الصحية المفاجئة.

وبالطبع يمكن مواجهة كل التحديات الصحية المذكورة بتكريس التوعية المستمرة بداء السكري، التشخيص المبكر، واتباع نمط حياة صحي يتضمن الأكل الصحي والحد من الوجبات السريعة والأطعمة والمشروبات غير الصحية، وممارسة الرياضة كبرنامج يومي ولو لمدة نصف ساعة على أقل تقدير، وتعزيز الدعم النفسي والاجتماعي للمصابين مع توفير الرعاية الصحية الشاملة والميسرة.

الخلاصة: الدراسة الحديثة التي أجرتها جامعة بنسلفانيا، بشأن علاج مرضى السكري النمط الأول بالخلايا الجذعية وتحولها إلى خلايا بنكرياسية تنتج الإنسولين ما زال رهن المراحل التجريبية، والحذار من المراكز الوهمية الخارجية التي قد تستغل المرضى وتوهمهم بنجاح زراعة الخلايا الجذعية لمرضى النوع الأول وتوقفهم نهائيا عن الإنسولين بسرد قصص وهمية بهدف استنزاف جيوب المرضى، فخير نصيحة عدم الانسياق وراء النداءات الوهمية، والرجوع إلى الأطباء المختصين والمصادر الطبية المتخصصة والرسمية في حال وجود أي استفسارات مرتبطة بعلاج السكري بالخلايا الجذعية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق