نووي باكستان واختباء ديمونا وراء أصابع الجبناء

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
نووي باكستان واختباء ديمونا وراء أصابع الجبناء, اليوم الاثنين 7 يوليو 2025 05:34 صباحاً


الأيام دول. والتاريخ لا يمكن تزويره. هناك من يعمل على تدوينه على حسب الحقيقة لا وفق مزاجة السياسي. والتاريخ له وضعه الخاص في قول الكلمة الفصل. والحقيقة شيء يوجع. والتزييف غباء.

والهيبة تفرض لا تؤخذ. والسكاكين ملعونة إن تقابلت، وحملتها أيادي متوارثي الأحقاد. والجيران بشكلهم وصورتهم الطبيعية مهذبون، إلا إن تجاوز أحدهم على الآخر.

ما تسمى بإسرائيل - إن قبلنا بالواقع - جارة لفلسطين. الأولى بطشت بالثانية منذ أكثر من خمسين عاما. وأطفال الأخيرة يرقدون بالقرب من مستنقعات الدماء. وعدّاد القتلى.

محورت تل أبيب القضية الفلسطينية، حول أن طموحات أبناء فلسطين لا تتجاوز الحصول على شيء من الأمن، والظفر بحفنة من الطعام، في صحون منظمات الغوث الدولية. وهم ليسوا كذلك. طمست عنوان النضال الفلسطيني من أجل الأرض، ومن أجل الوطن. وأنهم يدافعون عن العرض، ويحاولون حماية الخرائط؛ لا من أجل لقمة من الرز الأبيض الباهت، الذي يقدم لهم بمنّة، وبصورة لا إنسانية ومهينة.

والعمل الذي تمارسه إسرائيل ويرتكز على اختزال القضايا وربطها بتقزيم فكرة حق الإنسان الفلسطيني بالعيش الكريم على أرضه، أسلوب قذر، لأنه يعتمد برمجة الآخرين على التكيف في تلقي أفكارها الخبيثة. وعدم وعي البشر بالتفاصيل جهل. والجهل والغباء وجهان لعملة واحدة. كلاهما صفتان لا تغتفران.

يراودني على الدوام، سؤال، مفاده.. لماذا قبلت الولايات المتحدة الأمريكية حصول باكستان، على سلاح نووي؟ وفي المقابل لماذا تم الصمت عن حصول إسرائيل على السلاح نفسه؛ ولا سيما أنها ليست بحاجة إلى بناء سلاح ردع يحقق توازنات عسكرية بالنظر إلى محيطها؟

أمضيت أكثر من ثلاث ليالي في البحث والقراءة للحصول على أي استنتاج مقنع لتلك التعقيدات. أعتقد أني أمسكت بطرف الخيط. إن صحت القراءات.

ما الذي توصلت إليه؟ لكل دولة شكلها في التعاطي السياسي في مثل هذه الملفات الساخنة. باكستان على سبيل المثال، كانت واشنطن على علم ودراية ببدئها بتخصيب اليورانيوم إلى أن بلغت الحصول على قنبلة نووية، ومارست - أي أمريكا - غض الطرف عن ذلك السلاح. لماذا؟ لأن واشنطن مدينة لإسلام أباد، التي قدمت كثيرا من الخدمات التي لا تقدر بثمن.

مثل؟ مواجهة التمدد السوفييتي في أفغانستان، إبان تلك الحقبة التاريخية. بمعنى أن الجيش وأجهزة الاستخبارات الباكستانية، كرّسا أنشطتهما لخدمة الولايات المتحدة، واجتهدا في إيقاف تمدد وتوغل الاتحاد السوفييتي - قبل تفككه - بتلك المنطقة.

وحتى في مواجهة تنظيم القاعدة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، التي هزت صورة الكيان الأمريكي عالميا، كان لباكستان دور لا يستهان به. وأيضا كان مقتل زعيم التنظيم أسامة بن لادن عام 2011 في أبوت أباد الباكستانية، بمعاونة الاستخبارات الباكستانية. إذن نحن أمام ارتباط امريكي – باكستاني عميق.

ماذا بعد؟ هناك ثقة أمريكية على نطاق واسع قائمة بعدم امتلاك باكستان مشروعا توسعيا يمكن الخشية منه. هذا أولا. ثانيا: وجود حالة يقين عامة في عواصم صناعة القرار، بأن السلاح النووي الباكستاني، لا يضمر عدائية ضد أحد، إنما كانت ولادته مبنية على أمرين. الأول: مواجهة السلاح النووي الهندي.

الثاني: تحقيق توازن استراتيجي في تلك الجهة من العالم. فالبلدان الجارتان تختلفان في العقيدة والأيديولوجية السياسية والعسكرية. وحتى في التحالفات الاستراتيجية.

وثمة أمر لا يمكن تجاهله. ما هو؟ الاتزان والهدوء في الخطاب السياسي الباكستاني. فمؤسسة الجيش والدولة العميقة التي تدير البلاد وتتحكم في مفاصلها، تراعي إلى حد كبير التركيبة الداخلية المعقدة والعلاقات مع الخارج. لذا نجد أن الخط السياسي متزن ولا يعاني من أي تذبذبات أو انحرافات تحسب سلبيا على الدولة.

السؤال المقابل؛ لماذا هناك صمت عالمي مطبق حول ما يثار عن حيازة إسرائيل مفاعلا نوويا؟ صحيح أن تل أبيب لم تقر رسميا بامتلاك هذا النوع من الأسلحة. ولم توقع على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، ولم يعترف المجتمع الدولي بامتلاكها للأسلحة النووية.

لكن؛ ألا يشي عدم نفي الأمر، ولجوء إسرائيل لما يمكن اعتباره «غموضا نوويا» بأمر جلل؟ وماذا عن التقارير التي تشير إلى أن «مركز شمعون بيريز للأبحاث النووية» المعروف إعلاميا بـ»مفاعل ديمونة» هو منشأة إسرائيلية، تقع في صحراء النقب جنوب إسرائيل؟ الأمر مثير.

هل هناك ثمن إسرائيلي، كذاك الذي قدمته إسلام أباد؟ الجواب: لا. أكثر من العنف وافتعال الحروب والإيغال بها، واستعداء الآخر.

السؤال الأهم؛ أليس من حق المنظمات الدولية إجراء حملات تفتيش، كالتي تجريها دوريا الوكالة الدولية للطاقة الذرية، على مواقع إيرانية؟

إن افترضنا صحة ذلك؛ أتصور أن إسرائيل ستعلق حصولها على أسلحة دمار شامل على شماعة مشروخة. ما هي؟ أولا: أنها محاطة بجيران يناصبوها العداء. رغم أنها هي من افتعلت العداوة منذ نشأتها. ثانيا: استدعاء «المحرقة اليهودية» الهلوكوست، للتذرع بفكرة الدفاع عن الشعب اليهودي المستضعف.

إن التناقضات العالمية والانحياز لبعض الدول ومحاسبة غيرها، يضع الميزان الدولي في أدنى درجات العدل، ما ينعكس بالسلب على القانون الذي يؤطر حياة البشر على هذا الكوكب.

المهم في المحصلة؛ التمعن في صور تقدير العالم، للأشقاء الشجعان الأوفياء في باكستان.. واختباء ديمونا وراء أصابع الجنباء.

أخبار ذات صلة

0 تعليق