نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حصن نفسك: 5 قواعد مفيدة ضد الكذب المستشري, اليوم الأحد 10 أغسطس 2025 06:01 صباحاً
قد لا تكون النصائح والإرشادات محببة للجميع، خصوصا في مراحل وفئات عمرية مختلفة، لكنها في عصرنا الراهن أصبحت واجبا ملحا لا يمكن تجاهله. ففي زمن أصبح فيه الكذب منتشرا كالنار في الهشيم، وتضاءلت فيه القدرة على التمييز بين الحقيقة والزيف، بات من الضروري أن نمتلك وعيا كافيا يمكننا من حماية أنفسنا. اعلم أن تلقي هذه الإرشادات ربما يكون أمرا غير محبب للكثيرين، خصوصا في مراحل وفئات عمرية مختلفة، لكنها للأسف الشديد واجبة على الجميع في زمن زادت فيه ضبابية التواصل الافتراضي وعتمة الأخبار الكاذبة، التي لا تكشف جلاء الحقيقة كلية أو جزئية أحيانا.
ولعل من نافلة القول إن التدفق المعلوماتي الهائل في السنوات الأخيرة يستوجب من المتلقي والمهتم توخي الحذر والحيطة، والحرص على عدم التورط في الانسياق وراء الكذب، سواء على الواقع الافتراضي أو الواقعي. هذا المقال ليس مجرد توجيه، بل هو محاولة لتقديم قواعد عملية تساعدنا على الإبحار بأمان في بحر المعلومات المضطرب، وتجنب الوقوع فريسة للتضليل والافتراء. وإن لم تكن بالأصل كاذبا - حاشا لله - فلا تقع فريسة سهلة للكذب والتضليل والافتراء. وسنحاول من خلال هذا المقال تقديم وصفة للوقاية من الوقوع في شرك الخداع وبراثن الكذب وغياهب التضليل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي أضحت مرتعا خصبا بلا جدال للكذب والتضليل والافتراء:
أولا: المصدر لا المرسل
ابحث عن المصدر الأساسي لأي رسالة، ولا يخدعك المرسل سواء كان صديقا أو قريبا أو مجرد ناقل. واعلم أن ناقل الكفر كافر بكل تأكيد. ولا يخدعك أن المرسل قد يكون عزيزا لديك أو تمنحه ثقتك؛ وإن كان كذلك، فمعزته محفوظة إلا إذا تكرر عدم حفظه لتلك المعزة بتكرار الأخطاء. كما أن الثقة المطلوبة يجب أن تكون مبصرة وليست عمياء، شكلا ومضمونا، وخاصة أن الشكل عرضة للتحريف، وربما المضمون أكثر استقرارا وثباتا. فلا تكن رهينا لـ«المحبسين»: في معزة مفرطة وثقة عمياء.
ثانيا: الرسالة أو المضمون
يجدر بعد التحقق من المصادر الأساسية للرسالة أن توافق المنطق السليم والعقل القويم. ولا تجرفك العاطفة، ولا يحرفك الوله بحرقة الوهم وسراب الخداع. فلا تكن حبيسا لفكر أحادي متحيز إلا باختيارك وعلمك وتحملك للمسؤولية في ذلك العبء.
ثالثا: الوسيلة أو الوسيط
يتداخل تأثير الوسيلة بشكل كبير بين القائم بالاتصال الأصلي والمحتوى المتضمن في الرسالة. وللأسف الشديد، هناك وسائل أو وسائط أو حتى تطبيقات معينة مشوبة، يشوبها عدم الالتزام بأي قواعد أو مبادئ أو حتى أعراف إنسانية أو علمية أو عملية، لا حتى فكريا أو مهنيا. لذا، فإن سبل التعامل مع الهواة أو العامة أو ربما الغوغاء دائما غير مضمونة الجوانب. وهذا ما يجعل المحترفين والمتخصصين أولى بشرف المتابعة والتعامل.
رابعا: المتلقي أو المستقبل
عادة ما يصنف المتلقي إما من عموم الناس التي ينطلي عليها كل أمر، إما عن جهل أو ضعف أو استهتار أو حتى من عدم السؤال أو الاستفسار أو حتى الشك في صحة ومصداقية وموثوقية واعتمادية ما يصلها من رسائل. لذا، كان من الضروري على المتلقي أن يكون مدعاة للاستفسار والسؤال أو حتى الشك في صحة كل ما يصله، إلا من رحم ربي من فطنة وحكمة وفراسة.
خامسا: البيئة المحيطة أو السياق المكاني والزماني
يلعبان دورا مهما في التدقيق والتحقيق من التثبت من صحة كل ما يردك. وقد يتجاوز الشرع والشارع في البيئة المحيطة ما قد يصلك من رسائل، خصوصا من مصادر غير مجهولة لك. ولكن الأخطر والذي تلفظه البيئة المحيطة بتشريعات نافذة وقوانين صارمة، هو المشاركة لا مجرد الاستقبال لتلك المواد، بل في إعادة نقلها وتوزيعها ونشرها للآخرين.
وقبل الختام يحضرني مشهد مؤثر ومعبر لمونولوج أداه ببراعة شديدة الفنان نور محمود في مسرحية «النقطة العميا» من رؤية وإخراج الأستاذ أحمد فؤاد، يقول فيه ما يلي: «مش مهم تكذب المهم ألا تنكشف. مش مهم تكذب المهم ألا تكذب على نفسك وألا تنكشف».
وفي الختام، وفي زمن تتسارع فيه وتيرة الأخبار وتتعدد مصادرها، يصبح التسلح بالوعي النقدي ليس مجرد خيار، بل هو خط الدفاع الأول عن حقيقتك وسلامة فكرك. إن التزامك بهذه القواعد الخمسة ليس سعيا نحو الكمال، بل هو خطوة أساسية نحو بناء مجتمع أكثر وعيا وحصانة ضد أمواج الكذب المتلاطمة. تذكر دائما أن قدرتك على التفكير النقدي هي أقوى سلاح لديك؛ فلا تدع أحدا يسلب منك حقك في الوصول إلى الحقيقة، وتحمل مسؤولية التحقق والتدقيق. ففي نهاية المطاف، الحقيقة هي ملاذك الآمن في عالم لا يتوقف عن محاولة تضليلك.
0 تعليق