نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مركز للذكاء الاصطناعي في التعليم السعودي, اليوم الاثنين 4 أغسطس 2025 08:34 مساءً
هذا التحول لا يعني استبدال المعلم بآلة، بل هو فرصة للمعلم أن يجد من يُعينه لتحقيق الأهداف التعليمية عبر أدوات ذكية؛ مساعد رقمي لا يمل ولا يكل، ويؤدي عمله بمهنية واحترافية، متنقلا بين المتابعة والرصد والتقييم والتوجيه بطرق مبتكرة وممتعة.
لماذا يعد الذكاء الاصطناعي فرصة ذهبية لتطوير التعليم؟
- تحسين جودة التعليم، فوفقا للمجلة العلمية (Science Insights Education Frontiers)، أظهرت أكثر من 30 دراسة تجريبية أن التعلم المخصص المدعوم بالذكاء الاصطناعي، مثل ما تقوم به كل من (DreamBox) و (Smart Sparrow) و (Knewton)، يحسّن أداء الطلبة في المعرفة والمهارة والكفاءة التعليمية. كما أكدت دراسة نشرها معهد بروكينغز أن أنظمة التعليم التكيفي القائمة على الذكاء الاصطناعي إجمالا ترفع مستوى التحصيل الدراسي بما يقارب 20%، وعلى وجه الخصوص هناك أدوات تجاوزت هذه النسبة، مثل منصة (Squirrel AI)، إذ ساهمت بزيادة الأداء الأكاديمي في الصين بنسبة تصل إلى 30%.
- تطوير أدوات التحليل والتقويم لتكون أكثر ذكاء وأفضل أداء باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، فمثلا منصة (Century Tech) في المملكة المتحدة أو منصة (Gradescope) في الولايات المتحدة ساهمت بفعالية في تحسين التقويم التعليمي القائم على عمق التحليل والقدرة على التخصيص والتكيف اللحظي لقدرات الطلبة ومستوياتهم التحصيلية.
- تعزيز العدالة والمرونة والشمولية، حيث تتيح تقنيات الذكاء الاصطناعي فرصة التعلم على مدار الساعة ومن أي مكان بطريقة تفاعلية ومناسبة للطلبة كافة باختلاف قدراتهم وجداراتهم، فعلى سبيل المثال: تستخدم جامعة (Georgia Institute of Technology) برنامجا تقنيا كمساعد تعليمي استطاع أن يجيب عن 10 آلاف رسالة أرسلت من قبل الطلبة في فصل دراسي واحد، بنسبة نجاح فاقت 97%، مما جعل الكثير من الطلبة يظنون من يجيبهم كائنا بشريا، لا آلة مبرمجة بتقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي.
- تعزيز المتعة والدافعية التعليمية، إذ يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحول العملية التعليمية من العبء والرتابة إلى عملية أكثر تفاعلية وجاذبية باستخدام تقنيات ذكية، مثل الواقع المعزز (AR) والواقع الافتراضي (VR)، لإضفاء المتعة وتعزيز الحافزية والدافعية، وهذا ما نجحت فيه بعض المنصات، مثل (Kahoot) و (Minecraft Education) و (Classcraft).
- اكتشاف الموهوبين وقيادات المستقبل، فأدوات الذكاء الاصطناعي اليوم تلعب دورا مهما في اكتشاف وتطوير المواهب الفريدة والقدرات النوعية من خلال سهولة الوصول وسرعة التطبيق ودقة المتابعة وعمق التحليل واستمرارية الدعم والتطوير؛ بهدف تنميتها وتوجيهها أكاديميا وعمليا، لتعظيم أثرها في شتى المجالات والقطاعات.
- رفع مستوى الكفاءة التشغيلية، إذ تشير استطلاعات (The Telegraph) إلى أن المعلمين يقضون نحو 31% من وقتهم في التخطيط للدروس، وتصحيح الاختبارات، والقيام بأعمال إدارية؛ وفي المقابل تؤكد دراسة أجرتها ماكينزي أن توظيف الذكاء الاصطناعي يمكن أن يقلص المهام غير التعليمية بنسبة تصل إلى 30% من وقت المعلم من خلال تنفيذ بعض الإجراءات آليا، ومن ذلك: إعداد الدروس، وعمليات التقويم، وتحضير الطلبة وإرسال رسائل فورية لأولياء الأمور في حال تغيبهم، وتنسيق لقاءات أولياء الطلبة بالمعلمين لمناقشة القضايا التربوية والتعليمية وفقا لأداء الطلبة، وإدارة عمليات التسجيل والإسناد، والإجابة عن الاستفسارات التعليمية والإدارية.
- الابتكار والاستعداد المهني، فعلاوة على مساهمة الذكاء الاصطناعي الفاعلة في تحفيز الابتكار التعليمي، فإن دمج أدواته في العملية التعليمية يعزز من استعداد الطلبة مهنيا، فقد أظهرت دراسات نشرتها (LinkedIn) و (World Economic Forum) أن الاهتمام بمهارات الذكاء الاصطناعي في بيئات العمل يتزايد بوتيرة متسارعة، وانعكاسا لذلك، لوحظ أن الإشارة إلى مهارات الذكاء الاصطناعي في السير الذاتية للباحثين عن العمل، باختلاف تخصصاتهم، قد تجاوزت الضعف منذ عام 2018. إضافة إلى ذلك، يشير تقرير نشرته (PwC) عام 2024 أن الطلب على وظائف تتطلب مهارات الذكاء الاصطناعي نما بأكثر من 3 أضعاف، مع زيادة في الأجور تصل إلى 25%.
- دعم اتخاذ القرار، فالذكاء الاصطناعي يسهم في اتخاذ قرارات استراتيجية مبنية على تحليلات دقيقة وشاملة؛ مما يضمن الاستمرارية في تطوير المنظومة التعليمية لمواكبة الآمال الوطنية والتغييرات الدولية.
تستخدم الصين أدوات ذكية لتتابع وتحلل تفاعل الطالب داخل صفه بهدف تقويمه وتعزيز مستواه التحصيلي، بينما اعتمدت سنغافورة منهجية وطنية توظف الذكاء الاصطناعي لتحديد مسارات مخصصة لتعليم الطلبة. وتمكن الولايات المتحدة مدارسها من استخدام منصات تعليمية مدعومة بالذكاء الاصطناعي. وفي بريطانيا، اُعتمد إطار تنظيمي وأخلاقي لاستخدام الذكاء الاصطناعي في المدارس.
وبالنظر إلى وطننا الغالي فإننا نمتلك رؤية طموحة، وبنية رقمية متقدمة، ومنظومة جودة رائدة؛ لذا قد آن الأوان إلى إنشاء مركز وطني يتولى دفة استثمار تقنيات الذكاء الاصطناعي في تطوير المنظومة التعليمية.
من الحلم إلى الواقع
وفقا إلى الممارسات الدولية والاستعدادات المحلية، فإني أقترح توصيات عملية لتحقيق ريادة عالمية في المنظومة التعليمية:
- تأسيس مركز وطني للذكاء الاصطناعي في التعليم، تحت مظلة وزارة التعليم، ويُعنى بالبحث والتطوير، وإعداد الخطط، وتجريب الحلول، وبناء الشراكات الدولية والمحلية، وتمكين الشركات الوطنية، وصياغة السياسات واللوائح التنظيمية.
- إعداد استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي في التعليم، بمشاركة الجهات ذات العلاقة (مثل: سدايا، هيئة الحكومة الرقمية، هيئة تقويم التعليم والتدريب، الجامعات، المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع، المركز الوطني للتعليم الالكتروني، المركز الوطني لتطوير المناهج، والمعهد الوطني للتطوير المهني التعليمي).
- تطوير مناهج مرنة قابلة للتحديث المستمر والتخصيص الذكي، مع تضمين مهارات الذكاء الاصطناعي في تلك المناهج.
- إعداد المعلمين للمرحلة القادمة من خلال برامج تدريب وطنية تركز على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي وفهم تحليلاته.
- بناء حلول تعليمية سعودية متوافقة مع اللغة العربية والثقافة المحلية، بالتعاون مع الشركات التقنية الوطنية.
- إطار تنظيمي وأخلاقي متكامل يضمن الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي في البيئات التعليمية.
- التطبيق المرحلي والتقويم المستمر لرصد الأثر التعليمي والبعد الثقافي والاجتماعي والاقتصادي.
moqhim@
0 تعليق