نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أبناؤنا ونوعية الأكل والرياضة , اليوم الأربعاء 2 يوليو 2025 03:01 صباحاً
كثير من الآباء والأمهات عندما يراجعون عيادتي مع أبنائهم لمواجهة مشكلة صحية وخصوصا إذا كانت مرتبطة بالسمنة وإدمان الجلوس على الأجهزة، يطالبونني بتوجيه النصائح للأبناء، ربما يسمعون كلام الطبيب المعالج أكثر من توجيه ونصائح الوالدين، والتي كثيرا ما تذهب سدى ودون نتيجة واهتمام منهم، وهنا قد يرى الوالدان أن الطبيب هو الشخص الوحيد القادر على إقناع هؤلاء الأبناء بمضار زيادة ساعات جلوسهم على الأجهزة وعدم الحركة وتناول وجبات غير صحية كالوجبات السريعة ذات الدهون والسعرات الحرارية العالية، وما يترتب على ذلك من اكتساب الوزن الزائد تدريجيا وصولا إلى مرحلة السمنة.
والواقع أن الأطباء يبذلون كل الجهد لعلاج الأبناء الذين يعانون من مشاكل زيادة الوزن والسمنة بعد دراسة حالتهم ورصد المسببات وراء ذلك، بمعنى هل المشكلة ناتجة عن حالة مرضية أم استهلاك الأطعمة الدهنية وعدم الحركة وممارسة الرياضة، ولكن هذا لا يعفي من دور الوالدين التربوي والرئيسي والصحي في متابعة مراحل نموهم وصحتهم منذ مراحل الطفولة والمراهقة وإلى أن يصبحوا شبابا، فللأسف أن ما أشاهده الآن في عيادتي يكشف أن أكثر حالات سمنة الأطفال هي مكتسبة وليست مرضية ومرتبطة بنوعية الأكل غير الصحي وعدم الحركة وإدمان الجلوس على الأجهزة.
ولا شك أن هناك ارتباطا وثيقا وقويا بين نوعية الأكل والرياضة وصحة الفرد، فالأشخاص الذين يمارسون الرياضة يميلون عادة للأكل الصحي بتناول البروتينات والفواكه والخضراوات، ويتجنبون كثيرا الأطعمة ذات الدهون والسعرات الحرارية العالية، ولكونهم يدركون أهمية وفوائد الرياضة والتي تساعدهم أيضا في تعزيز إفراز هرمونات السعادة، وبالتالي يجدون سعادتهم في المحافظة على ممارسة الرياضة والاهتمام بالرشاقة وتجنب زيادة الوزن، وكل ذلك نتاج للوعي واتباع النمط الصحي للحياة، بينما الأشخاص الخاملون فيميلون للأطعمة السريعة المشبعة بالدهون والسعرات الحرارية والمشروبات الغازية، إذ تحلو جلساتهم مع الأجهزة وزيادة استهلاك تلك الأطعمة لأن هرمون الشبع أصبح ضعيفا لديهم، ومع السهر ليلا يزداد الأمر سوءا ومع مرور الوقت والجلوس الطويل مع الأجهزة يوميا وتناول ما لذ وطاب من الوجبات السريعة يخزن الجسم الكثير والكثير من الدهون والسعرات، وفجأة يلاحظ الطفل أن حركته أصبحت مثقلة وزادت متاعبه ولا يعد قادرا على الجري أو صعود السلالم بسهولة، والأسوأ ظهور بطنه (الكرش)، ولا يستبعد أن يصبح محل تنمر الآخرين وسخريتهم، ويظل الوضع على ما هو عليه دون أدنى اهتمام منه شخصيا ومن والديه والمحيطين به، وعندما يصبح الوضع أكثر صعوبة تبدأ هنا مرحلة البحث عن العلاج والخروج من المأزق.
لا بد أن يدرك الأطفال وتحديدا شريحة المراهقين واليافعين ومن يتبعون النمط المخملي ولا يتحركون ويقضون جل أوقاتهم وراء الأجهزة أن ممارسة أي نشاط رياضي يوميا ولمدة نصف ساعة مهم وضروري لصحتهم، فهناك أنشطة رياضية مناسبة وكثيرة ومنها السباحة وكرة القدم والهرولة والتنس وغيرها وغيرها وجميعها مفيدة للجسم، فالمهم تخصيص نصف ساعة يوميا دون إيجاد أي أعذار، كما أن أماكن ممارسة الرياضة أصبحت متاحة للجميع، فهناك الأندية والملاعب الرياضية المخصصة والمراكز الترفيهية الرياضية، أيضا من رغب برياضة المشي والهرولة فهناك المماشي المخصصة داخل الأحياء.
يجب أن يعلم الأطفال بمختلف شرائحهم العمرية أن ممارسة الرياضة ليست مجرد قضاء وقت وتسلية، بل هناك جوانب صحية مهمة ومفيدة تنعكس على صحة أجسادهم، إذ تساهم الرياضة في تعزيز المناعة ومقاومة الأمراض المختلفة مثل أمراض القلب والسمنة، كما تعزز نمو العضلات والعظام والأربطة بشكل صحي سليم، وتقليل احتمالية التعرض لآلام الرقبة والعمود الفقري والرقبة، وبجانب ذلك تقلل الرياضة نسبة الكولستيرول في الدم وتحديدا الأطفال الذين يعانون من زيادة الوزن، فتعزز لديهم مخاطر التعرض لمقاومة الإنسولين والإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري، وتقي الرياضة من الإصابة بالتوتر والقلق عبر زيادة إفراز هرمونات السعادة، كما تعزز الرياضة جودة النوم وتحمي من الإصابة باضطرابات النوم مثل: الأرق والقلق وتعزز من ثقة الطفل بنفسه، إذ تساهم في جعل الطفل أكثر تقبلا للآخر، ويصبح أكثر مرونة في التعامل مع المحيطين به، وإضافة إلى كل ما سبق تعزز الرياضة المستوى التعليمي عند الأطفال وتحصيلهم الدراسي.
الخلاصة: الرياضة في حياة الجميع وتحديدا الأطفال المراهقين واليافعين ليست مجرد قضاء وقت وتسلية، وإنما تعزيز لاتباع نمط صحي للحياة يقي من أمراض عديدة، والتي أصبحت تشكل تحديات كبيرة للمنظومة الصحية ومنها السمنة ومضاعفاتها ومقاومة الإنسولين وصولا - لا قدر الله - إلى الإصابة بداء السكري النمط الثاني المرتبط بالسمنة، وهنا يأتي دور الوالدين في توجيه الأطفال الخاملين والمنغمرين في عالم الأجهزة نحو الرياضة حتى لا يجدوا أنفسهم يوما ما يعانون من مشكلة «السمنة» وما يترتب عليها من مضاعفات لا تحمد عقباها.
0 تعليق