عندما يكون المنصب سلاحا

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عندما يكون المنصب سلاحا, اليوم الأربعاء 2 يوليو 2025 03:01 صباحاً

المنصب ليس درعا يُلبس، ولا سيفا يُشهر.

المنصب مسؤولية. مكان يُمنح لتقود، لا لتؤذي. لتبني، لا لتهدم. ولكن حين يتحول هذا المنصب إلى سلاح، يصبح صاحبه خطرا على من يقودهم، بل على المؤسسة كلها.

في بيئات العمل الصحية، يفترض أن تكون السلطة أداة للضبط والعدالة، لا وسيلة للضغط والانتقام. لكن حين يختل ميزان القيم، ويعلو صوت "المزاج" على صوت "المنهج"، يستعمل المنصب لتصفية الحسابات، وممارسة القمع، وفرض الهيمنة.

ومن مظاهر تحويل المنصب إلى سلاح:

- اتخاذ قرارات فجائية لمجرد إثبات السيطرة.

- معاقبة موظفين لا لخطأ مهني، بل لأنهم لم "ينحنوا".

- منح الترقيات والفرص بناء على الولاء، لا الكفاءة.

- استخدام الصلاحيات كأدوات ضغط نفسي وتهميش اجتماعي.

- إحاطة النفس بدائرة من الضعفاء، ليتأكد المسؤول أنه الأعلى صوتا... والأقل مواجهة.

المنصب حين يستعمل كسلاح، لا ينتج إدارة... بل خوف عام، وبيئة خرساء لا تنبض بالحياة.

لا يجرؤ فيها الموظف على الإبداع، ولا يشعر فيها بالأمان، ولا يجد فيها فرصة للإنصاف.

والأخطر من كل هذا، أن هذا النوع من الإدارة لا يضر فقط الأفراد، بل ينهك المؤسسة بأكملها.

فالعقول تغادر، والكفاءات تختنق، والثقة تنهار، وكل ذلك من أجل "شخص" قرر أن يحول كرسيه إلى سلاح خاص.

لماذا كل ذلك؟

لأن بعض المسؤولين يظنون أن الصلاحية تفويض مطلق، وأن المنصب تذكرة لفرض الهيبة، لا لبناء الفريق.

ولأن غياب الرقابة والمحاسبة يمنحهم شعورا بأنهم فوق النظام... وفوق الناس.

كيف نواجه ذلك؟

بوعي الموظف بحقوقه.

بوجود أنظمة واضحة للعدالة الوظيفية.

وبإيمان حقيقي بأن السلطة لا قيمة لها إن لم تكن خاضعة للقيم.

المنصب لا يصنع الهيبة... بل يظهر حقيقتها.

فإما أن يكون وسيلة لتكريس العدالة، أو يتحول إلى سلاح يقتل بها ما تبقى من ثقة.

وفي النهاية، المنصب يزول، لكن الأثر يبقى.

فكن من الذين تُذكَر مناصبهم بفخر، لا من الذين يُقال عنهم بعد رحيلهم "أراح الله الناس من سلطته".

وتذكر أن للمظلوم دعوة مستجابة لا ترد.

أخبار ذات صلة

0 تعليق